عن تراث غزة في العصور القديمة

نور مصالحة* تأسست غزة منذ أكثر من 5000 عام، وهي واحدة من أقدم المدن في العالم، وتقع في موقع استراتيجي بين مصر وآسيا. في مركز جادة فيا ماريس القديمة، وعلى شاطئ ساحلي. وهي لم تكف يوماً عن التطلع صوب البحر المتوسط. وكانت غزة أيضاً مرفأ قديماً جداً، وأقرب الممار إلى شبه الجزيرة العربية. وقد عاملت بيترا على أنها خلفيتها الإقليمية، وكان الإغريق القدامى يعرفون أنهم عبر غزة يمكنهم الوصول إلى الهند. في القرن الثاني عشر، جعل الفلستيون من غزة المدينة الأولى، في خماسية مدن فلستيا، وكما أسلفنا أعلاه، كانت غزة على الدوام تنسب إلى المدن الفلستية الأساسية، وإلى قدماء الفلستيين. وقد ذكرتها رسائل تل عمارنة باسم:" أزتي". وكانت بمنزلة عاصمة مصرية إدارية في فلسطين. وفي القرنين الخامس والرابع ق.م، حافظت مدن فليستيا، على صلاتها الدولية وطورت نقودها الخاصة الفلستو عربية، وتابعت المدينة ازدهارها تحت الحكم الروماني. وفي القرن الميلادي الثاني، كانت النقود الرومانية تسك في غزة.  وفي أثناء الحقبتين الطويلتين من حكم الرومان والبيزنطيين، توسعت غزة وواصل مرفؤها المتوسطي وفي عام 635 صارت غزة إحدى أوائل مدن فلسطين التي فتحها جيش العرب والمسلمين... كان المجتمع الفلسطيني في أواخر العصور القديمة، تحت حكم البيزنطيين، في مجمله مجتمعاً متعلماً. فالتعليم الأساسي كان متاحاً على نطاق واسع. أحياناً على مستوى القرى، ولا سيما للرجال. لم يكن التعليم يلقى الرعاية، فقط في العاصمة الامبراطورية القسطنطينية، بل أيضاً في مدارس تعمل في مراكز كبرى مثل أنطاكية، والاسكندرية وكايسيريا ماريتيما وغزة... اليوم لا يعلّم في فلسطين التراث الفلسطيني الكلاسيكي المدهش من العصور القديمة المتأخرة، فالفلسطينيون المتعلمون، يميلون إلى استرجاع التراث الكلاسيكي من "بيت الحكمة" المركز الفكري الكبير في بغداد، أكثر مما يميلون إلى مدرسة البلاغة الكلاسيكية، أو المكتبة الكلاسيكية في القيسارية. ومع ذلك فإن مواد البلاغة والفلسفة كانت مركزية، لا في الحياة الفكرية القديمة، بل أيضاً في التراث الكلاسيكي والحياة في فلسطين في العصور القديمة المتأخرة. * باحث ومؤرخ فلسطيني من كتاب: " فلسطين : أربعة آلاف عام في التاريخ

عن تراث غزة في العصور القديمة